قنوت غزة: اللهم وحـد شملنا واجمع صفنا

غزة - "اللهم وحِّد شملنا.. ووحد كلمتنا.. ووحد صفنا.. واهدِ ولاة أمورنا.. وأصلح ذات بيننا.. نسألك يا رحمن يا رحيم أن تؤلف بين قلوبنا وتبدل همنا إلى فرج.. وخصامنا إلى وحدةٍ وتعاضد... لا تكلنا يا الله إلى أنفسنا طرفة عيـن"..

هذا النموذج من الأدعية ساد القنوت عقب صلاة التراويح والتهجد في مساجد قطاع غزة، وصدحت أصوات الشيوخ والأئمة بالدعاء تبتهل إلى الله أن يُوحد كلمة الفلسطينيين ويجمع شملهم، ويُصلح ذات بينهم، وأن يمحو حالة الانقسام بين شطري الوطن..
وفي شهر رمضان المُبارك ونفحاته الروحانية وجد كثير من الفلسطينيين فرصة ذهبية للدعاء والمناجاة بطلب الوحدة، فرفعوا أكف الضراعة إلى الله والتضرع إليه بتوحيد شملهم وجمع صفهم.

وتواجه فلسطين انقسامًا حادًّا بين حركتي فتح وحماس -أكبر حزبين على ساحتها- وهو ما انعكست آثاره السلبية على الشارع الفلسطيني، حيث مظاهر الفرقة والتشتت والانقسام الحاد في كافة مناحي الحياة. وعقب سيطرة حركة حماس على غزة منتصف يونيو الماضي انقسم القرار الفلسطيني ما بين الضفة، حيث حكومة سلام فياض في رام الله، وما بين غزة حيث حكومة إسماعيل هنية..

4 أشهر من التجاذب السياسي والتناحر الإعلامي دفعت المصلين إلى الدعاء بحرارة أن يُجنب وطنهم نار الخلافات وأن تخمد نيرانها..

اللهم جنبنا الفتن

ومن الأدعية التي تتكرر دائمًا على ألسنة الأئمة في مساجد القطاع هو: "اللهم فرج كرب فلسطين.. وحد كلمتها.. اجمع شمل غزة والضفة.. بقدرتك يا أرحم الراحمين. وحد صفوفنا.. اجعل بلادنا آمنة.. جنبها الفتن يا الله.. أحقن دماءنا".

ويخشى الفلسطينيون استمرار حالة الانقسام وما تُخلفه من توتر وكراهية، ويتمنون الخروج من هذه المرحلة بسلام، وأن يتنسموا عبق الوحدة والتآلف بعيدًا عن زوابع التشتت والفرقة..في مسجد فلسطين بحي الرمال بمدينة غزة يحث الإمام في دعائه المصلين على الصبر والصمود أمام الحصار الخانق الذي يعيشه القطاع ويمضي قائلاً: "يا رب فرّج كربنا وافتح اللهم علينا أبواب رزقك ورحمتك.. اللهم اكتب لنا الخير والرشاد.. ووحد صفنا واجمع شملنا.. يا أرحم الراحمين نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى أن تُذهب عنا شر الفتن ومصائب الفرقة... اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن".

ولا يلبث المصلون إلا أن يؤمّنوا على دعاء الإمام ويعلو صوتهم بقوة مُرددين "آمين.. آمين".

من للأسرى إلا أنت

وفي مسجد سعد بن معاذ في حي الدرج بمدينة غزة ينصب دعاء الإمام عقب صلاة التراويح بأدعية تبتهل إلى الله بجمع شمل الفلسطينيين: "اللهم ارحمنا.. اللهم اجمع شملنا ووحد صفنا وأيد بالحق ولاة أمرنا.. اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا... أبعد عنا الفتن.. جنبنا شر الانقسام والفرقة..

ولا ينسى الإمام في دعائه الأسرى إذ يصدح صوته بنبرات الرجاء: "يا رب من للأسرى إلا أنت... من لأهلهم غيرك يا رب.. اللهم فك قيد أسرانا وأرجعهم إلى أهلهم سالمين غانمين.. عاجلاً يا أرحم الراحمين".

ولا يكاد مسجد من مساجد فلسطين إلا ويصدح بالدعاء للأسرى، وبأن يمنّ الله عليهم بالفرج القريب، وأن يلهم ذويهم الصبر على ما ابتلاهم.

ومع ازدياد التوغلات اليومية للعديد من المناطق في قطاع غـزة وتهديد قوات الاحتلال بشن حملة عسكرية واسعة النطاق ارتفعت أصوات الدعاء بالمناجاة لرد كيد الأعداء إلى نحورهم.

في مسجد اليرموك يدعو الإمام قائلاً: "اللهم رد كيد الأعداء إلى نحورهم واهزمهم واقتلهم عددًا.. اللهم بك عليهم.. اجعل تدبيرهم في تدميرهم، واجعل الدائرة تدور عليهم؛ فإنهم لا يعجزونك"..

يا غياث أغثنا

وفي مسجدٍ آخر يرتفع صوت القنوت: "اللهم إنهم قد طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصب اللهم عليهم سوط عذاب.. ردهم إلى نحرهم.. صد عنا الأذى والعدوان يا الله"..

"يا غيّاث المستغيثين أغثنا.. ارحمنا إلى من تتركنا.. إلى بعيد يتجهمنا أم إلى عدو ملكته أمرنا"...

وتعلو الابتهالات لرفع الحصار عن غـزة المخنوقة: "اللهم عليك بمن يحاصرها... خذهم أخذ عزيز مقتدر... اللهم ولِّ أمورنا خيارنا ولا تولِّ أمورنا شرارنا... اللهم ارزقنا الولاة الصالحين".

وفي كل ليلة تهجد ترفع أصوات المناجاة: "اللهم فكّ حصارنا وأسرنا، اللهم إنا أهل غزة حفاة فاحملهم، وجياع فأطعمهم، وعراة فاكسهم، وضعفاء فقوّهم.. اللهم إنهم مغلوبون فانتصر.. مغلوبون فانتصر".

ولا يخلو قنوت غزة من الدعاء للمقاومة الفلسطينية وتثبيت أقدامها: "اللهم لا تدع مجاهدًا في سبيلك إلا نصرته، اللهم أمدّ المُقاومة بمددٍ من عندك، اللهم ائذن للملائكة المجاهدين بالانضمام إليهم.. سدد رميهم واحفظهم بعينك التي لا تنام.. اللهم لا تجعل لنا عدوًّا إلا خذلته، ولا طاغية إلا قسمته"..
----------------------------------------------------------

islamonline.net