فى قلب ميدان التحرير «اليمنى»: «أنصار الله» معتصمون.. والحوثيون يحتفلون
وقف محمد الحكمى، ابن مدينة صعدة فى مدخل الاعتصام السلمى بشارع المطار بوسط العاصمة صنعاء يرقص «البرع» وهى رقصة بالخناجر الجنابى، مع 5 من زملائه المعتصمين فرحاً بتوقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية، الذى يجسد انتصار «أنصار الله» التابعين للحوثيين «أخيراً يمكن لهذا الشعب أن يتنفس»، قالها الشاب الثلاثينى وهو ممسك بخنجره الجنابى، الذى يعد أحد أساسيات الزى التقليدى فى اليمن.
وكانت سماء العاصمة اليمنية صنعاء مضاءة بواسطة الآلاف من الألعاب النارية أطلقها اليمنيون احتفالاً بانتهاء القتال وبنجاح «الثورة الشعبية»، ويقول نصر الدين عامر، مسئول المركز الإعلامى للثورة التابع للحوثيين «كان صعباً علينا إقناع اليمنيين المسلحين كجزء من طبيعتهم وعاداتهم أن يتركوا مظاهر الاحتفال المعتادة من إطلاق الأعيرة النارية فى الهواء، وإقناعهم بإطلاق الألعاب النارية عوضاً عنها، بعدما فضل السيد عبدالملك الحوثى أن نطلق الألعاب النارية بدلاً من الرصاص، نحن ندخر كل رصاصة لنطلقها فى رأس الأعداء».
أمسك «الحكمى»، الشاب الثلاثينى، خنجره بعدما توقف عن «البرع» وحكى قائلاً: «هناك أنواع كثيرة من رقصات البرع وهذا سبّب خلافاً بيننا، فكل منا قادم من قبيلة يمنية مختلفة، ولكل قبيلة رقصتها الخاصة أو برعها الخاص، لكن فى النهاية اليوم لا خلاف ولا اختلاف كلنا نحتفل هنا بالنصر، نحتفل بالتخلص من 37 عاماً من الظلم والجور، اليوم الشعب اليمنى تخلص من الشلة الفاسدة التى كانت تسيطر على مقاليد الحكم، وحان الوقت لليمنيين أن يبدأوا مسيرة التقدم».
أصر المعتصمون بمختلف ميادين العاصمة اليمنية والمدن على إبقاء خيامهم واعتصامهم قائماً حتى تنفيذ بنود الاتفاق الذى وقع فى رئاسة الجمهورية، ويقول عزيز الراشد، المسئول السياسى بحزب البعث العربى الاشتراكى بمدينة صعدة، مركز الحوثيين شمال اليمن «عندما يدخل الاتفاق حيث التنفيذ سنرفع خيامنا ونفض اعتصامنا ونرحل»، ويضيف: «وجودنا هنا وسيلة للضغط عليهم لضمان تنفيذ بنود الاتفاق وعدم النكوص عن أى بند فيه، لا نريد أن يضيع تعبنا وما قمنا به هدراً، لقد نجحنا فى إسقاط حكومة حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين باليمن، وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى، والأهم من كل ذلك نجحنا فى إسقاط الولاية الدولية على حكوماتنا، ومن الآن لن نسمح بأى تدخل خارجى». ويقول عادل الشامى، ابن مدينة صعدة -مقر الحوثيين- «الفاسدون حاولوا الإيحاء بأنها ثورة أنصار الله لكن الحقيقة أنها ثورة الشعب اليمنى كله، كلنا شارك فى الثورة وكل الشعب ضحى من أجل حريتنا ومطالبنا العادلة»، ويضيف: «خرجت من بيتى منذ شهر والنصف من أجل تلك اللحظة واليوم فقط رأيت العصافير تحلق فى سماء اليمن».
بينما كان الآلاف يحتفلون فى ميدان التحرير بقلب العاصمة اليمنية صنعاء ظهر أمس انتظاراً لكلمة السيد عبدالملك الحوثى قائد «أنصار الله» -والتى لم يُدل بها حتى مثول الجريدة للطبع-، كانت المشاورات الرئاسية مستمرة بين كافة القوى السياسية والفصائل لتنفيذ بنود الاتفاق الذى وقع قبل يومين، ويقول فارس السقا، مستشار الرئيس اليمنى «هناك اجتماع سيعقد ظهراً بمقر الرئاسة وسنخرج منه بقرارات وأخبار جيدة وهامة، وبصفة عامة أود التأكيد أن المشاورات بكل الأطراف ما زالت مستمرة».
ويقول حسن الحمران، مسئول العلاقات الخارجية لأنصار الله، «المفاوضات ما زالت مستمرة، ومنذ البداية قلنا إننا لن نشارك فى الحكومة المقبلة، ولكننا بالاشتراك مع كافة القوى السياسية سنعمل على اختيار رئيس الوزراء حسبما نص الاتفاق، وبالفعل لدينا قائمة بترشيحات لأسماء وطنية محترمة ومستقلة»، ونفى «الحمران» ما تردد عن اقتحام عناصر أنصار الله لمنازل القائد الهارب على محسن الأحمر، والناشطة السياسية توكل كرمان، وعدد آخر من المنازل روج عدد من النشطاء اقتحامها من قبل «أنصار الله» وأكد أن عناصر أنصار الله لم تقتحم أى منزل إنما وجدت فى محيط عدد من المنازل لحمايتها، خاصة منازل بعض المطلوبين خوفاً عليها من الاقتحام خاصة وهناك الكثيرون الذين يحملون فى قلوبهم غلاً لهؤلاء المطلوبين بعد ظلمهم لهم.
وأكد «الحمران» أن اللجان الشعبية الأمنية التابعة لأنصار الله والموجودة بالعاصمة لحمايتها من التخريب وحفظ الأمن وجدت باتفاق مع الأجهزة الأمنية، وأضاف أنها ستظل موجودة بأماكنها لحماية العاصمة ولن تغادرها إلا باتفاق أمنى أيضاً. وأوضح «الحمران» أن العاصمة آمنة تماماً تحت حماية «أنصار الله»، فيما أبدى أحمد الشرعبى، أمين عام الحركة الديمقراطية للتغيير، رئيس مركز دراسات مجلس الشورى تخوفه من الأيام المقبلة، ومن ردة فعل عنيفة لقوى أخرى مناهضة لـ«أنصار الله»، وقال إن فى هذه الحالة ستكون العواقب وخيمة، وأضاف أن عودة الأمور إلى ما كانت عليه صعبة ولكنى أتوقع ردة فعل وأتمنى ألا تقع خسائر وألا ندخل فى أتون الحروب مرة أخرى، ولفت إلى أن الأوضاع على الأرض غير مطمئنة، والأمور الآن متوقفة بيد «أنصار الله»، وقال: «أشك أن يكون ما حدث مجرد خطوة مرحلية وبروفة لمخطط كبير وخطير سيكون قادماً، خاصة أن ما أزعجنى بشدة نهب الأسلحة من المقار الأمنية بالعاصمة وإخراجها خارج صنعاء، وهو ما يدفعنى للاعتقاد أن كل ما حدث مجرد مناورة أو مرحلة أولى لخطة كبيرة سيكون القادم فيها خطيراً».
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!