|

الوعي الدينيزيارة القبور والأضرحة › 2- مشروعية وانواع الزيارة

مشروعية الزيارة
إن زيارة القبور مرخص فيها للرجال باتفاق، ولكن العلماء اختلفوا في الترخيص بها للنساء إلى فريقين:
الفريق الأول قالوا: لقد نهيت النساء عن زيارة القبور ما عدا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الصالحين فإنه مرخص لهن في زيارة قبورهم، وقد استدلوا بما يلي:

1. عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" (رواه الترمذي وأبو دود والنسائي وابن حبان)
2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن زوارات القبور (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ورواه أيضا أبو داود وابن حبان)
3. نهى الرسول صلى الله عليه وسلم النساء عن اتباع الجنائز فقد روي أبو داود والنسائي عند عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ميتا. فلما فرغنا. انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفنا معه. فلما حاذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابه وقف، فإذا نحن بامرأة مقبلة. قال: أظنه عرفها، فلما ذهبت فإذا هي فاطمة رضي الله عنها فقال لها صلى الله عليه وسلم: ما أخرجك يا فاطمة من بيتك؟
قالت: أتيت يا رسول الله أهل هذا الميت. فرحمت إليهم ميتهم، أو عزيتهم به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلك بلغت معهم الكدا؟ فقال: معاذ الله، وقد سمعتك تذكر فيها وتذكر.
قال: لو بلغت معهم الكدا، فذكر تشديدا في ذلك

قال الراوي: فسألت ربيعة بن سيف عن الكدا. فقال: القبور فيما أحسب.
وروي ابن ماجة عن علي رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا نسوة جلوس قال: ما يجلسكن؟ قلن: ننتظر الجنازة قال: هل تغسلن؟ قلن: لا. قال: هل تحملن؟ قلن: لا. قال: هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا.
قال: "فارجعن مأذورات غير مأجورات"
(رواه أبو يعلى من حديث أنس رضي الله عنه)
فأصحاب هذا الفريق يستدلون بهذه النصوص على نهي النساء عن زيارة القبور ما عدا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الأولياء والصالحين.
وأما الفريق الآخر فإنهم قالوا: إن الزيارة مباحة للنساء لأنهن محتاجات إلى العظة كالرجال سواء بسواء ويستدلون على صحة زعمهم بما يلي:
أولا: النساء يدخلن في عموم الأحاديث التي وردت في شأن الترخيص بزيارة القبور وقالوا: إن هذا الترخيص للرجال والنساء ولم يرد في النصوص ما يميز بينهن وبين الرجال.
ثانيا: إن الأحاديث التي استدل بها المانعون للنساء من الزيارة لا تقوم دليلا على صحة القول بنهيهن عن زيارة القبور.
لأن الحديثين الأولين ـ وفيهما للعلماء كلام في صحتهما ـ لا ينهيان النساء عن زيارة القبور مطلقا، وإنما ينهيانهن عن الإكثار من الزيارة فحسب لأنهن يكثرن من البكاء والعويل عند القبور لذا نهين عن تعدد الزيارة وليس عن أصل الزيارة. ويفهم ذلك من استخدام النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة المبالغة في قوله (زوارات).
ثالثا: أما الحديثان الآخران، فإنه لا يصح الاستدلال بهما على النهي عن الزيارة. لأنهما صريحان في النهي عن اتباع الجنازة، وليس فيهما ما يفيد النهي عن زيارة النساء للقبور.
يقول الإمام الشوكاني في نيل الأوطار 4/111 قال القرطبي:
اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال إذا أمن من جميع ذلك فلا مانع من الإذن لهن، لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء. انتهى ثم قال الشوكاني: وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر.
رابعا: يستدل أصحاب هذا الرأي بهذه الوقائع التي تفيد إباحة الزيارة للنساء وهي:
1. روي الحاكم وابن الأثرم وابن ماجة عن عبد الله بن أبي مليكة:
أن عائشة رضي الله عنها أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن فقلت لها: أليس كان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور؟ قالت: نعم. كان نهى عن زيارة القبور. ثم أمر بزيارتها.
2. روى البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي. فلما أخبرت بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إليه. فقال لها: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى"
فإن كانت زيارتهن للقبور ممنوعة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المرأة التي كانت تبكي على قبر زوجها كما صرحت به بعض الروايات. ولكنه أمرها بالتقوى والصبر.
3. روي الحاكم: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تزول قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده". وقد صرحت بعض الروايات أنها كانت تصحب معها بعض النساء في كل مرة.
وقد صرحت بعض الروايات أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم سألها من أين أنت آتية قالت من عند قبر عمي حمزة فقد كنت أرمه، فلم ينهها صلى الله عليه وسلم.
وأقول: إنه لا مانع للمرأة من الخروج إلى المقابر لزيارتها للعظة وطلب المغفرة للموتى وتذكر الآخرة بشروط:
الأول: أن تخرج من بيتها محتشمة وهي تستحضر عظمة الله تعالى ليتحقق لها الهدف الشرعي من الزيارة.
الثاني: ألا تخرج للزيارة إذا كان في ذلك تضييع لحق الزوج أو كان بدون إذن منه.
الثالث: أن تؤدي الزيارة المشروعة فلا تندب ولا تنوح ولا تدعو وتستغفر للموتى.
الرابع: ألا تكون باعث فتنة لأن المقام مقام عظة واعتبار، ولذلك حذر الشافعية من خروج الشابات الجميلات لأنهن باعثات على الفتنة.
فإذا لم تلتزم المرأة بهذه الشروط فإنها تمنع من الخروج إلى المقابر لأن خروجها في حالة عدم التزامها سوف يكون خروج معصية، وهو ما منع عنه الشرع الشريف، لأنه لا يطلب حصول الثواب بمعصية الله عز وجل.
أنواع الزيارة
زيارة القبور نوعان: نوع مشروع ومندوب إليه ونوع غير مشروع ومنهي عنه باتفاق فإما الزيارة المشروعة فهي التي يتحقق فيها الالتزام والتمسك بتوجيهات وأوامر النبي صلى الله عليه وسلم.
1. روى أحمد ومسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ولأحمد من حديث عائشة مثله بزيادة: (اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم).
2. وروى أحمد ومسلم وابن ماجة عن بريدة قال:
كان رسول الله يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية

3. وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها منه يخرج إلى البقيع من آخر الليل فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الفرقد

والزيارة المشروعة أقسام بينها الإمام السبكي رحمه الله تعالى في كتابه شفاء السقام وهي:
القسم الأول: أن تكون لمجرد تذكر الموت والآخرة، وهذا يكفي فيه رؤية القبور من غير معرفة أصحابها ولا قصد أمر آخر من الاستغفار لهم ولا من التبرك بهم ولا من أداء حقوقهم.
والقسم الثاني: زيارتها للدعاء لأهلها، كما ثبت من زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل البقيع يعني وشهداء أحد وغيرهم، وهذا مستحق في حق كل ميت من المسلمين.
والقسم الثالث: للتبرك بأهلها إذا كانوا من أهل الصلاح والخير.
والقسم الرابع: لأداء حقهم، فإن من كان له حق على الشخص فينبغي له بره في حياته وبعد موته والزيارة من جملة البر لما فيها من الإكرام. انتهى ملخصا.
فالزيارة المشروعة قربى إلى الله تعالى وبر وإحسان للموتى، وغير المشروعة هي زيارة معصية لله تعالى وإيذاء للموتى. فالأولى مأجور صاحبها والثانية مأذور صاحبها نسأل الله لنا ولموتى المسلمين العفو العافية.
عدد المشاهدات: 3199
التعليقات على 2- مشروعية وانواع الزيارة (1)

هندThursday, April 21, 2011

ماشاء الله ربنا يجزيك عنا خير الجزاء

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
62345

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

سجل في النشرة الاخبارية في نور الله