|

شخصيات إسلاميةشخصيات نسائية إسلامية › صفية بنت حيى بن أخطب

كان اليهود أشد الناس كراهية للإسلام ونبي الإسلام، فقد كان أملهم أن يكون النبي الخاتممنهم، وعندما وجدوا أن الرسالة الخالدة يحمل لواءها النبي العربي امتلأت قلوبهم غلاللدعوة وصاحب الدعوة. وعندما هاجر الرسول إلي المدينة وجدوا أن هذه الهجرة ستمكن للإسلام من أن يثبت أقدامه في شبه الجزيرة العربية، وستكون المدينة قاعدة انطلاق وانتشار في كل مكان في العالم.

وقد تصور يهود خبير عندما عاد النبي من صلحالحديبية دون دخول مكة أن ذلك ضعفا في المسلمين، وسمع الرسول أنهم يخططون لقتاله،فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم الذهاب لقتالهم، وتوجه النبي بجيشه نحو خيبر .. وعندما أشرف عليها دعا الرسول ربه قائلا:

ـ "اللهم رب السماوات وما أظللن، ورب الأرضين وما أملكن ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فأنا نسألك خيرهذه القرية وخير أهلا وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها .. أقدموا باسم الله".

وفي صباح اليوم التالي حاصر المسلمون اليهود تأهبا لقتالهم .. ثم دار القتال بين المسلمين وبين اليهود ..

وكان القتال عنيفا .. حتى فتحت خيبر،واستسلمت للمسلمين، وغنم المسلمون غنائم كثيرة. وكان من بين الأسرى صفية بنت زعيماليهود حيى بن أخطب الذي قتل في المعركة كما قتل زوجها وأخوها.

وكان من الطبيعي أن تحزن صفية لما أصاب أهلها وما حل بهم من هوان. كما كان من الطبيعي أن تجد فيصدرها ما يوغرها على رسول الإسلام وكان والدها واحدا من أهم أحبار اليهود وقادتهم .. وكان شديد الكره للإسلام ونبي الإسلام .. وكانت صفية تعلم ذلك تماما .. تعلم إن والدها وعشيرتها يكرهون الدين الجديد .. ويكرهون ما يدعو إليه..

كانت صفيةرائعة الجمال .. في ربيع عمرها .. فقد كانت في السابعة عشرة من عمرها .. أنها تفتح عينيها بعد أن وقعت في الأمر .. وقتل أعزل الناس عندها .. الأب والأخ والزوج ترى أن مستقبلها أصبح في يد محمد .. هذا الذي كان يمقته أهلها .. وقد وجدت نفسها برفقة أمسليم .. هذه السيدة الفاضلة التي تنم قسمات وجهها وجمالها ووجودها في ميدان القتالعلى أنها من معدن صقله الإسلام .. أنها أم أنس بن مالك خادم الرسول، والذي أمرهاالرسول برعاية صفية.

وقد حدث أن قامت زينب بنت الحارث زوجة سلام بن مشكم بإهداءالرسول شاة مشوية بعد أن سممتها .. فقد أرادت أن تقتل الرسول، وقد أكثرت من وضع السم في الذراع بعد أن عرفت حب الرسول له .. وكان مع الرسول بشر بن البراء .. وعندما أكل الرسول من الطعام لم يستسغه وقال:

ـ أن هذا العظم يخبرني بأنه مسموم..!

ولفظ الطعام .. بينما أكل بشر .. فمات بشر .. وأحضر الرسول هذه المرأةالتي اعترفت بفعلتها معللة ذلك بقولها:

ـ "بلغني من قومي ما لا يخفي عليك فقلتأن كنت ملكا استرحت منه، وأن كنت نبيا ستخبر".. وقد اقتص منها بعد أن مات بشر.

وقد أعتق النبي صلى الله عليه وسلم صفية، وطلبها للزواج فوافقت وقد أخذ النبييحدثها في طريق العودة إلي المدينة عما فعله به اليهود .. وعن مؤامراتهم التي لاتنتهي .. وموقفهم العدائي من الإسلام ونبي الإسلام .. ورق قلبها للرسول .. ودخلالإيمان قلبها .. فأعلنت إسلامها.

وقد رفضت صفية أن يعرس بها الرسول بعد أنسارعت عدة أميال من خيبر .. وعندما وصل مكان يسمى (الفهياء) ..

دخل بها. ولاحظ النبي صلى الله عليه وسلم أن على وجهها أعلا عينيها أثر لطمة تركت آثارها..

وعندما استفسر عنها الرسول قالت له:

ـ رأت في المنام قمرا أقبل من يثرب حتىوقع في حجري، فذكرت ذلك لكنانة زوجي فقال: أتحبين أن تكوني زوجة لهذا الملك الذييأتي من يثرب (وضرب وجهي) وكان عندما أعرس النبي بزوجته أن أحد الصحابة (أبو أيوبالأنصاري)

يحرس النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يغمض له جفن في تلك الليلة خوفا علىرسول الله من أن تغدر به صفية ثأرا مما حدث لقومها.

وعندما سأله الرسول عمافعل، قال أنه بات يحرسه خوفا عليه من أن يصيبه مكروه فدعا له الرسول: "اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني".. وأولم الرسول لأصحابه .. وأصبحت صفية أما من أمهاتالمؤمنين.

وعندما عاد الرسول إلي المدينة كان على صفية أن تعيش في بيت النبوة .. وعرفت أثناء اختلاطها بأزواج النبي أن هناك حزبا تتزعمه عائشة وحفصة، وحزبا آخرمن بقية أمهات المؤمنين وتتعاطف معه فاطمة الزهراء وآثرت صفية أن تكون قريبة منالجميع .. ولكن عائشة كانت شديدة الغيرة .. فصفية جميلة في ربيع عمرها .. وإذا كانتتغار من خديجة التي انتقلت إلي جوار ربها .. فكيف بها وهي ترى أمامها شابة بالغةالجمال..

وكان النبي يعرف هذه الغيرة فيها حتى أنه آثر قبل أن يذهب بها إليبيته أن ينزلها في بيت حارثة بن النعمان .. ولكن عائشة صممت أن تراها .. فتنقبت حتىرأتها، ولكن الرسول عرفها .. فمسك بثوبها وسألها:

ـ كيف رأيت يا شقيراء؟

وردت عائشة والغيرة بادية عليها.

ـ رأيت يهودية!

فقال لها الرسول: أنهاأسلمت وحسن إسلامها.

وعاشت صفية في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد أثرتفيها شخصية الرسول المتكاملة، وحسن رعايته لها .. وحبه الذي يفيض على نسائه جميعا .. ولكن صفية وقد أحبت الرسول حبا جما .. وأنساها الإسلام بمبادئه وتعاليمه وسماحتهما كانت عليه قبل أن تدخل فيه.. ولكنها مع ذلك لم تنج من مضايقات عائشة وحفظة بحكمالغيرة .. فكانا يعيرانها بأنها يهودية .. وعندما كانت تشتكي للرسول كان يقول لها:

ـ قولي لهن كيف تكن خيرا مني وأبي هارون، وعمي موسى عليهما السلام وزوجي محمد.

وتحكي السيرة أن النبي عندما مرض مرضه الذي توفى فيه .. كان يتألم، وحوله أمهات المؤمنين، وقالت له صفية: أما والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي.

وأبصرالرسول زوجاته وهن يغمزنها فقال لهن:

ـ أكففن عن هذا، والله أنها لصادقة.

وانتقل الرسول إلي أكرم جوار .. وظلت صفية مثال المسلمة المحافظة على دينهاوسنة الرسول الكريم وتوفيت في خلافة معاوية بن أبي سفيان في عام 50 هجرية، ودفنت بالبقيع..

 

 

عدد المشاهدات: 5521
التعليقات على صفية بنت حيى بن أخطب

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
86657

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري