آخر الأخباراخبار المسلمين › الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار علماء الأزهر لـ«الأهرام»:«داعش» وأمثالها من الجماعات الإرهابية أسسوا دينا موازيا

صورة الخبر: الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار علماء الأزهر لـ«الأهرام»:«داعش» وأمثالها من الجماعات الإرهابية أسسوا دينا موازيا
الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار علماء الأزهر لـ«الأهرام»:«داعش» وأمثالها من الجماعات الإرهابية أسسوا دينا موازيا

أكد الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف ومفتي الجمهورية السابق، أن خطابنا الديني يواجه أزمة حقيقية تتمثل في تسارع الأحداث،
وأنه كلما حاول الأزهر أن يجدد في خطابه لمواجهة فكر معين أو جماعة متطرفة تظهر جماعة أخرى تحتاج إلى تغيير في الخطاب والأسلوب. وأوضح أن علماء الأزهر الشريف تقع عليهم المسئولية الجسيمة في توضيح وبيان الدين الصحيح في مقابل الدين الموازي الذي أنشأته جماعة «داعش» الإرهابية وأمثالها من الجماعات المتطرفة. وأشار إلى أن مؤسسات الدولة جميعا ينبغي أن تتعاون في مواجهة التطرف والإرهاب وبخاصة المؤسسات التعليمية والإعلام الذي يجب عليه استضافة المتخصصين في مختلف المجالات لمواجهة الأفكار الشاذة. وفى حواره مع «الأهرام» كشف الدكتور على جمعة، سبب البلبلة المثارة حاليا في وسائل الإعلام حول بعض فتاواه والتصريحات الخاصة به، كما تحدث معنا أيضا عن بعض الملفات الشائكة .. وإلى نص الحوار:


كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ضرورة تجديد الخطاب الديني، هل فعلا الخطاب الديني يحتاج إلى تجديد أم تصحيح وتنقية من الشوائب التي لحقت به؟

نعم بالطبع .. وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذلك فقال: «يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لأمتي أمر دينها»، أي يأتي بفهم جديد يوافق العصر والتغيرات التي تحدث في المجتمعات في ظل الشريعة الإسلامية ومقاصدها العليا. والأزهر الشريف يقوم بهذه المهمة منذ عصور، ويطور من الخطاب الديني، ولكننا نواجه أزمة حقيقية تتمثل في أن الأحداث في عصرنا متسارعة جدًا، وكلما حاول الأزهر أن يجدد في خطابه لمواجهة فكر معين أو جماعة متطرفة، تظهر جماعة أخرى تحتاج إلى تغيير في الخطاب والأسلوب، ولكن الأزهر وعلماءه قادر على التصدي لكل هذه الجماعات والأفكار المتطرفة.

وكيف يمكن توحيد الخطاب الديني في المساجد وتكريس الخطاب المعتدل وفضح زيف أفكار تلك التنظيمات المتشددة؟

علماء الأزهر الشريف بمؤسساته المختلفة يقع عليهم مسئولية جسيمة في توضيح وبيان الدين الصحيح، الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، في مقابل الدين الموازي الذي أنشأته «داعش» وأمثالها من الجماعات الإرهابية، والتي تتخذه ذريعة لها للإفساد بالأرض. كما يجب عليهم تفنيد شبهات هؤلاء والأدلة التي يستندون عليها في إجرامهم وبيان الفهم الصحيح لها حتى نفضحهم أمام الناس وأمام أنفسهم ويتبين زيف منهجهم.

فى ظل تعدد الفتاوى خاصة حول القضايا الشائكة وتصدى من ليس له أهلية لعملية الإفتاء, كيف يمكن مواجهة هذه الفوضى خاصة في وسائل الإعلام؟

لقد اهتم علماء الإسلام بعملية الإفتاء اهتماما عظيما وجعلوها في مكانة عالية لعظمة دورها، فقد كان النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، يتولى هذا المنصب في حياته، باعتباره المبلغ عن الله، وقد تولى هذه الخلافة بعده أصحابه الكرام، ثم أهل العلم بعدهم. ورغم ذلك فإن الساحة الدينية اليوم تعاني من فوضى في الفتاوى وفوضى في الخطاب الديني، نظرا لتصدر غير المتخصصين للإفتاء، ونتيجة لتلك الفوضى التي حدثت في الفتاوى الدينية، خصوصا المنتشرة عبر الفضائيات والتي تصدر عن أناس غير مؤهلين للإفتاء من الأساس مما تسبب في حدوث بلبلة وتشكيك للناس في أمور دينهم، ولا بد من قصر الأمر على المتخصصين من العلماء وتأهيل العلماء للإفتاء، وعلى وسائل الإعلام أن تقوم بواجبها وتلتزم بعدم استضافة غير المتخصصين المؤهلين حتى لا يكونوا شريكًا في هذه الأزمة.
وما هو موقف الإسلام من تلك الجماعات التي تبرر القتل والذبح باسم الإسلام ؟

الحق هو الإسلام والباطل هو التطرف والغلو، والله سبحانه وتعالى أرسل رسوله الكريم إلى البشرية رحمة للعالمين لقوله تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». فالإسلام هو دين الرحمة والاعتدال، يدعو إلى المحبة والسلام والإخاء والرحمة لا يعرف التطرف أو الغلو، بل ذم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتشددين فقال: «هلك المتنطعون». أما هؤلاء الخوارج فهم بعيدون تمامًا عن التعاليم الإسلامية السمحة، بل هم بعيدون عن الفطرة الإنسانية السليمة التي تنبذ كل هذا.

هل نمو هذه التنظيمات والأفكار المتطرفة نتيجة لغياب دور المؤسسات الدينية المعتدلة مثل الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء؟

الأزهر الشريف هو أقدم جامعة في العالم مازالت حتى الآن تقدم العلم وتجمع الطلاب من كل مكان في الدنيا من أكثر ١٠٥ دولة يعودون إلى بلادهم ينشرون الإسلام ويدافعون عنه بالعقل والمنطق والإيمان والحكمة. والأزهر الشريف بمؤسساته المختلفة مثل دار الإفتاء ووزارة الأوقاف كانوا ولا زالوا حاضرين في كافة قضايا الأمة، وتصدى الأزهر على مر التاريخ لجميع أشكال التطرف، فهو بعلمائه حصن الأمان للمسلمين لما يتمتع به من وسطية وقبول للآخر، وبما يمثله من مرجعية دينية للمسلمين جميعًا. وقد أخذ الأزهر الشريف على عاتقه كشف شبهات المتطرفين وتحرير المقولات التي أساء المتطرفون توظيفها في عملياتهم الإرهابية، ورفع صوت الإسلام الصحيح في مواجهة غوغاء التطرف والغلو.

كيف يمكن مواجهة تلك الأفكار المتطرفة ؟ وما هو دور المؤسسات الأخرى مثل التعليم والإعلام فى مساعدة المؤسسات الدينية؟

يمكن ذلك بنشر الأخلاق المحمدية التي تفيض بالرحمة والإنسانية وقبول الآخر مهما كان انتماؤه أو عقيدته، وكذلك نشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة ودحض شبهات هؤلاء الخوارج الذين يسيئون للإسلام أكثر من أعدائه. على مؤسسات الدولة جميعها أن تتعاون سويًا في مواجهة التطرف والإرهاب، وخاصة المؤسسات التعليمية لما لها من دور كبير في تهيئة النشء وتربيتهم وبناء الإنسان المصري المستقيم المحب لوطنه والناس أجمعين، وكذلك الإعلام عليه دور مهم في التصدي للتطرف عبر التعاون مع الأزهر الشريف وعلمائه لكشف شبهات هؤلاء القوم، وكذلك استضافة كافة المتخصصين في مختلف المجالات القادرين على مواجهة هذه الأفكار الشاذة.

ما حقيقة الجدل المثار داخل المجتمع حول بعض آرائكم الدينية وبعض التصريحات لوسائل الإعلام ؟

غالبية وسائل الإعلام أصبحت تبحث عن الإثارة والعناوين البراقة رغم عدم حقيقتها، وهذا لا يتوافق مع المهنية الإعلامية ولا مع الآداب والأخلاق الإسلامية، لأنها قد تخلق نوعًا من الفتنة والجدل داخل المجتمع، وتشغل الرأي العام بأمور غير صحيحة بدلًا من شغلهم بما يفيد الناس وينفع البلاد والعباد.

وهل لوسائل الإعلام دور في تحريف أو إخراج هذه الفتاوى عن سياقها الحقيقى بحثا عن الإثارة والترويج؟

نعم .. للأسف بعض وسائل الإعلام تتعامل مع الأحاديث التي يدلي بها علماء الدين بمنطق لا تقربوا الصلاة، فتقوم باجتزاء الكلام مما يعطي معنى غير المراد به، أو يقومون بصياغة الكلام بطريقة توحي بغير المقصود منه من أجل الإثارة وجذب القراء والمشاهدين. وعليهم أن يشدوا الناس إليهم بعيدا عن الكذب والتضليل وترديد الشائعات قبل التحقق منها، وهذا هو ما يحتاج إلى جهد لأن أي إبداع يحتاج إلى جهد، أما الإبداع من أن كل واحد ما يخطر بباله يقوله من غير مهنية وإتقان وتدريب وإنارة فهذا لا يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين، فالإثارة قبل الإنارة يشكو منها الناس الآن، والتي تتمثل في الإثارة ضد كل شيء، وعلى الجميع أن يلتزم الصدق لأن هذا ما أمرنا به الإسلام، ومن قبل طالبت بميثاق شرف إعلامي تبتعد فيه النخبة والمثقفون والمهتمون بالشأن العام عن تبادل الاتهامات دون سند وإفساح المجال للبناء.

وما هو موقف فضيلتكم من وسائل الإعلام التي تنسب أرائكم وتصريحاتكم بعيدا عن الحقيقة؟

دائمًا ما أردد أن على وسائل الإعلام أن تلتزم بالأخلاقيات والمهنية، وأن تسعى إلى الإنارة لا الإثارة، وأنصحهم بالاحتراز فيما يقولون وينقلون لأنهم سيحاسبون على كل كلمة يكتبونها وستكون في صحيفتهم يوم القيامة.

ولماذا أخذت موقفا قويا ورافضا لحكم الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية؟

لست ضد جماعة بعينها ولكني ضد من يلبسون على الناس الأمور باسم الدين أيًا كانوا، ويتخذون الدين ستارًا لإخفاء أطماعهم وطموحاتهم السياسية. فالدعوة الإسلامية ليس فيها ظاهر وباطن، ولكن ظاهرها كباطنها لا تشوبه شائبة. والإخوان بتكوينهم نظامًا سريًا في أربعينيات القرن الماضي، بدأوا في انحرافهم الفكري والدعوي، وأصبحت دعوتهم ذات وجهين؛ وجه ظاهر، ووجه باطن لا يعرفه إلا القليل. وهنا بدأ الميزان في الاعوجاج، وبدأت معه سلسلة من الكذب لا تزال مستمرة حتى الآن.

ولماذا هذه الجماعات, وخاصة الإخوان, تهاجم الدكتور على جمعة؟

هم يهاجمون كل من يخالف أفكارهم ومنهجهم وطريقتهم ويسعى إلى كشف الوجه القبيح لهم، فيسعون إلى تشويه من يخالفهم حتى يلفتوا الأنظار عن قبائح أفعالهم.

كيف ترى مستقبل التنظيمات المتشددة التي تشوه الإسلام وهل هي ظاهرة عابرة وستنحسر كما حدث في تاريخ الإسلام, أم أنها ستأخذ بعض الوقت؟ وما التأثيرات والتداعيات السلبية لتلك التنظيمات على الإسلام وانتشاره في العالم؟

الجماعات الإرهابية ستزول بإذن الله لأنهم لا يعملون لوجه الله، بل يشوهون دين الله ويعيثون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين. ويذكر لنا التاريخ كم من فئة منحرفة طاغية بادت وزالت، ولكن ذلك بالطبع يحتاج منا جهدا ووقتا كبيرين لمواجهتهم. وما يقوم به هؤلاء الإرهابيون يشوه الإسلام ويخرج الناس من دين الله أفواجًا، ويفتح على المسلمين في الغرب خاصة باب الاضطهاد ويدفع الناس هناك للخوف من الإسلام والمسلمين وبالتالي التضييق عليهم، وأصبحوا يلصقون تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين وهم منه براء. فالإسلام لم يعرف يومًا الذبح ولا القتل ولا الحرق حتى لأعداء الإسلام، وحتى في الحروب وضع الإسلام ضوابط للقتال، وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يوصي أصحابه في الحرب للدفاع عن أنفسهم ألا يقتلوا شيخًا ولا طفلًا ولا امرأة، ولا يقطعوا شجرة، وألا يتعرضوا للرهبان في صوامعهم.

.وهل ستظل تمارس العمل العام والمساهمة في صناعة مستقبل مصر ومواجهة التيارات المتطرفة؟

عالم الدين لا يتوقف عطاؤه في خدمة دينه وأمته بعد أن يترك منصبه، ولا حتى بعد وفاته، فهو يترك علما ينتفع به الناس إلى يوم القيامة، وجهودنا لا تنقطع في خدمة الإسلام والأمة الإسلامية في الداخل والخارج ونصرة الدين ودعم المسلمين في كل مكان، لأن هذه مسئولية عظيمة اختص الله سبحانه وتعالى العلماء بها، لا يمكن أن يتراجعوا عنها لأن هذه المسئولية ليست مرتبطة بمكان ولا زمان ولا منصب، إنما هي رسالة يجب أن تؤدى.

ما هي رسالتك للشعب المصري؟

أتوجه إلى المصريين بأن يتوحدوا جميعًا، وأن يجعلوا مصر هي المشترك فيما بينهم، وأن يبتعدوا عن الشقاق والخلاف، ويهتموا ببناء الوطن خاصة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر التي يتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وهو ما يحتاج إلى تكاتفنا جميعًا لمواجهة قوى الشر والتطرف والإرهاب.

المصدر: الاهرام

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار علماء الأزهر لـ«الأهرام»:«داعش» وأمثالها من الجماعات الإرهابية أسسوا دينا موازيا

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
63540

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

سجل في النشرة الاخبارية في نور الله
أخبار المسلمين الأكثر قراءة
خلال 30 أيام
30 يوم
7 أيام