|
ولترجيح أنها ليلة السابع والعشرين وإيراد أهم علاماتها "هناك روايات عديدة" فقد روي الإمام مسلم بسنده عن عبدة وعاصم بن أبي النجود سمعا زر بن حبيش يقول: سألت أبي بن كعب رضي الله عنه، فقلت: "أن أخاك ابن مسعود يقول من يقم الحول يصب ليلة القدر؟" فقال رحمه الله: أراد ألا يتكل الناس، أما أنه قد علم أنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف لا يستثنى أنها ليلة سبع وعشرين .. فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها". وفي هذا بيان لما كان عليه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من حرص أكيد على العبادات، ومضاعفة الطاعات وما كانوا عليه من تحين أيام الخير والبركة وإحيائها بما ينبغي من الذكر والعبادة وسائر القربات، مع هذا، فأنهم ما كانوا يتكلون على تلك الأيام أو بعض الليالي الفاضلة، بل كانت جهودهم في العبادة موزعة على سائر أيام السنة. وفي هذا الحديث توضيح لما قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "من يقم الحول يصب ليلة القدر" أراد بهذا أن يقيم الناس الحول كله حتى لا يتكلوا على ليلة واحدة ويهملوا باقي أيام السنة من العبادات والطاعات. مع أنه كان يعلم أن ليلة القدر في شهر رمضان، وأنها ليلة سبع وعشرين وحلف لا يستثنى أنها ليلة سبع وعشرين. <ومما ورد بشأن بعض علاماتها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة"؟> وفي هذا الحديث إشارة إلى أن ليلة القدر إنما تكون في أواخر شهر رمضان، لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر. <ومما ورد بشأنها كذلك عن عبد الله بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأراني صبحها أسجد في ماء وطين> قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلي بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه قال: وكان عبد الله ابن أنيس يقول: ثلاث وعشرين. أي" ليلة ثلاث وعشرين" على حذف مضاف وهي لغة شاذة، أما الرواية الأخرى فهي: "ثلاث وعشرون". وأرجح الأقوال أنها في الوتر من العشر الأواخر، وأرجى الليالي عند الجمهور ليلة سبع وعشرين. وقد روي عبد الرازق عن ابن عباس قال: دعا عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألهم عن ليلة القدر، فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر. قال ابن عباس: فقلت لعمر أني لأعلم وأظن ليلة هي. قال عمر: أي ليلة هي؟ فقلت: سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر. فقال: من أين علمت ذلك؟ فقلت: خلق الله سبع سماوات، وسبع أرضين، وسبعة أيام، والدهر يدور في سبع، والإنسان خلق من سبع، ويأكل من سبع، وسجد على سبع والطواف والجمار وأشياء ذكرها. فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له. وأهم ما ينبغي التنبيه إليه أنها ليلة ذات قدر وشرف، على المسلم أن ينتهزها بالعبادة وألا يحرم نفسه فيها من الدعاء، ويكثر من قوله: "اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عني" لما روى عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرايت أن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". <وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"> فالعبادة فيها خير من ألف شهر، وأفضل الدعاء أن يسأل العبد ربه سبحانه العفو. وقال الإمام الصاوي في تفسيره: واحسن ما يدعي به في تلك الليلة العفو والعافية كما ورد. وينبغي لمن شق عليه طول القيام أن يختير ما ورد في قراءته كثرة الثواب. كآية الكرسي وأواخر البقرة وسورة الإخلاص ويكثر من الاستغفار والصدقة وورد: من صلى المغرب والعشاء في جماعة فقد أخذ بحظ وافر من ليلة القدر. وورد من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام شطر الليل، فإذا صلى الصبح في جماعة فكأنما قام شطره الآخر. وورد: من قال لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم .. ثلاث مرات كان كمن أدرك ليلة القدر. وذلك حين يكون صادق القلب، مخلص النية مقبلا على ربه طاهر الظاهر والباطن. إنما يتقبل الله من المتقين. ولاشك أن ليلة القدر هي ليلة قبول الدعاء. وفي ليلة القدر تتنزل ملائكة الله تعالى، وتغشى رحمته العباد، ويتقبل الله دعاء من دعاه، فالسعيد من يطهر نفسه من الأحقاد ويخلص في الإقبال على الله تعالى صلاة وتلاوة للقرآن وذكرا ودعاء واستغفارا. <عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذ كان ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله تعالى"> وليلة القدر هي من نفحات الله تعالى التي ينفع بها عباده المؤمنون "أن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها" والتعرض للنفحات يكون بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وكثرة الذكر والدعاء.
عدد المشاهدات: 3134
تاريخ المقال: Wednesday, November 3, 2004
التعليقات على 4- أرجى الليالي . عند الجمهور

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
15346

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

سجل في النشرة الاخبارية في نور الله
أخبار المسلمين الأكثر قراءة
خلال 30 أيام
30 يوم
7 أيام